أسباب وعلاج خفقان القلب

خفقان القلب: الأعراض، الأسباب، التشخيص، والعلاج الشامل

يُعد خفقان القلب من الحالات الشائعة التي يشعر فيها الشخص بتسارع، تباطؤ، أو عدم انتظام في نبضات القلب، وغالبًا ما يوصف الإحساس بأنه رفرفة في الصدر أو توقف بسيط ثم نبضة قوية مفاجئة. وقد يكون الخفقان مؤقتًا وغير مقلق في حالات كثيرة، لكنه في أحيان أخرى قد يكون علامة مبكرة على اضطراب قلبي يتطلب تقييمًا دقيقًا وتدخلاً طبيًا. يتناول هذا المقال بالتفصيل كل ما يتعلق بخفقان القلب، بدءًا من الأنواع الشائعة، مرورًا بالأسباب العضوية والنفسية، وصولًا إلى الأساليب الحديثة للتشخيص والعلاج، مع التركيز على أحدث الأبحاث والمعايير الطبية العالمية.

ما هو خفقان القلب؟

خفقان القلب هو إدراك الشخص لنشاط قلبه بصورة غير طبيعية. يمكن أن يترافق مع تسارع أو تباطؤ في النبض، أو شعور بعدم انتظامه. تختلف شدة الخفقان من شخص لآخر، فقد يكون بسيطًا ولا يثير القلق، أو حادًا يسبب الدوخة، الإغماء، أو حتى ألمًا في الصدر.

التصنيف السريري لخفقان القلب

الأعراض المصاحبة لخفقان القلب

خفقان القلب لا يكون في العادة عرضًا منفردًا، بل غالبًا ما يصاحبه طيف واسع من الأعراض الأخرى، منها:

• ضيق في التنفس

• ألم أو ضغط في الصدر

• الدوار أو الدوخة

• الإغماء أو فقدان الوعي المؤقت

• تعرق مفرط

• شعور بالقلق أو الذعر

ظهور هذه الأعراض مع الخفقان يستدعي تدخلاً طبيًا فوريًا لتقييم الأسباب الكامنة.

الأسباب الشائعة لخفقان القلب

1. أسباب قلبية

• الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation): اضطراب شائع يتمثل في انقباض غير منتظم وسريع للأذينين.

• تسرع البطين (Ventricular Tachycardia): حالة قد تهدد الحياة في حال استمرت.

• انسداد الشرايين التاجية: يؤدي إلى نقص تروية القلب.

• قصور القلب: يسبب عدم قدرة القلب على ضخ الدم بفعالية.

2. أسباب غير قلبية

• القلق والتوتر النفسي: أحد أكثر المسببات شيوعًا، خاصة في غياب أمراض قلبية.

• فرط نشاط الغدة الدرقية: يرفع معدلات الأيض ويسبب تسارع نبض القلب.

• فقر الدم (الأنيميا): يتطلب القلب ضخ المزيد من الدم لتعويض نقص الأوكسجين.

• نقص سكر الدم: يؤدي إلى تحفيز الجهاز العصبي السمبثاوي.

• التجفاف: يؤثر على ضغط الدم ويؤدي إلى تسارع القلب.

• الحمل: يؤدي إلى تغيرات هرمونية ودورانية تؤثر على معدل النبض.

3. أسباب دوائية ومحفزات خارجية

• الكافيين والنيكوتين والكحول

• المخدرات مثل الكوكايين والأمفيتامينات

• بعض الأدوية كمضادات الاحتقان أو أدوية الغدة الدرقية

• الحمى أو العدوى

العوامل المحفزة لخفقان القلب

• التمارين الرياضية المكثفة

• الضغط العصبي

• قلة النوم أو اضطراباته

• التعرض للحرارة الشديدة أو البرودة

• تناول الطعام بسرعة أو الإفراط في الأكل

تقييم وتشخيص خفقان القلب

تشخيص سبب الخفقان يتطلب تقييمًا شاملاً يبدأ بأخذ التاريخ الطبي الكامل ويشمل ما يلي:

1. الفحص السريري

يشمل قياس ضغط الدم، معدل النبض، سماع صوت القلب، تقييم العلامات الحيوية الأخرى مثل حرارة الجسم.

2. التخطيط الكهربائي للقلب (ECG)

أداة رئيسية لتسجيل النشاط الكهربائي للقلب وتحديد نمط الخفقان.

3. تخطيط هولتر (Holter Monitor)

جهاز يسجل ضربات القلب على مدى 24-48 ساعة لرصد الخفقان غير المنتظم.

4. اختبار الجهد القلبي (Stress Test)

يُستخدم لمعرفة ما إذا كانت التمارين تحفز خفقان القلب.

5. إيكو القلب (Echocardiogram)

فحص بالموجات فوق الصوتية يُظهر بنية القلب وصمامات القلب وكفاءته.

6. تحاليل مخبرية

تشمل تحليل الدم للكشف عن:

• نسب الهرمونات (الغدة الدرقية، الكورتيزول)

• تعداد الدم الكامل

• مستوى الشوارد (الكالسيوم، البوتاسيوم، المغنيسيوم)

• وظائف الكلى والكبد

العلاجات الممكنة لخفقان القلب

تُحدد خطة العلاج بناءً على سبب الخفقان، وتتراوح بين تعديل نمط الحياة إلى التدخل الطبي أو الجراحي.

1. تعديل نمط الحياة

• تقليل الكافيين والمنبهات

• تحسين جودة النوم

• تقنيات إدارة التوتر مثل اليوغا والتأمل

• التوقف عن التدخين والكحول

• الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة المنتظمة

2. العلاج الدوائي

• محصرات بيتا (Beta Blockers): تبطئ ضربات القلب وتقلل استثارة القلب.

• محصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers): تساعد على تنظيم النبض.

• الأدوية المضادة لاضطرابات النظم: تُستخدم في حالات الرجفان الأذيني وتسرع القلب فوق البطيني.

• مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب: عند ثبوت وجود علاقة بين الخفقان والقلق المزمن.

3. إجراءات طبية متقدمة

• تقويم نظم القلب الكهربائي (Cardioversion): يُستخدم في بعض حالات الرجفان الأذيني.

• الكي القلبي (Catheter Ablation): إجراء دقيق لتدمير النسيج القلبي المسؤول عن النشاط غير الطبيعي.

• زرع جهاز تنظيم ضربات القلب (Pacemaker): في حالات بطء النبض الشديد.

• زرع مزيل الرجفان القابل للزراعة (ICD): في حالات تسرع البطين أو الخطر المرتفع للوفاة القلبية المفاجئة.

الفرق بين الخفقان الفسيولوجي والمرضي

المضاعفات المحتملة لخفقان القلب غير المعالج

• السكتة الدماغية (خصوصًا في حالات الرجفان الأذيني)

• قصور القلب المزمن

• انخفاض التروية الدموية للدماغ والأعضاء

• توقف القلب المفاجئ في حالات نادرة

دور التثقيف الصحي والتوعية المجتمعية

يُعد الوعي الصحي من أهم أدوات الوقاية، وينبغي تثقيف المجتمع حول أهمية التعرف على أعراض الخفقان ومتى يجب طلب المساعدة الطبية. كما يُشجع على تعزيز نمط حياة صحي ومراقبة العوامل المسببة.

أحدث الاتجاهات البحثية في مجال اضطرابات النظم

تشير الدراسات الحديثة إلى أن:

• العوامل الوراثية لها دور في بعض أنواع الخفقان مثل متلازمة بروغادا.

• الذكاء الاصطناعي بدأ يُستخدم في قراءة التخطيط الكهربائي وتحليل المخاطر.

• الأدوية البيولوجية والتدخلات الجينية في طريقها لتغيير نهج علاج اضطرابات النظم القلبي.

خاتمة

خفقان القلب حالة معقدة تختلف أسبابها من شخص لآخر، وتتراوح بين حالات حميدة ومؤقتة وأخرى قد تكون مؤشراً خطيراً لأمراض قلبية كامنة. يعتمد التعامل معها على التشخيص الدقيق، والتدخل العلاجي المناسب، وتغيير نمط الحياة. كلما كان الكشف مبكرًا، كانت فرصة العلاج الناجح أفضل، وقلّت احتمالية المضاعفات.

المراجع:

1. American Heart Association. (2023). Arrhythmia and Palpitations Overview.

2. Mayo Clinic. (2024). Heart palpitations – Symptoms and causes.